لقراء كتاب لو أصبحت رئيساً لمصر

من يرغب أو يتوقع أن يقرأ فى هذا الكتاب أى كلمات جارحة غير مسئولة أو نقد غير موضوعى أو تطرف لفكرة ما أو تعصب أعمى لفريق ما ... ومن يطمع أن يقرأ كتاباً يدعو لانقسام أو يستثمر التنازع ويغذى الصراع ويؤجج النار المشتعلة أو يشعل ما خمد منها ... فليسمح لى أن أنصحه بعدم إستكمال القراءة ... فلن يجد ما يبحث عنه ... فطبيعتى الشخصية المعتدلة ومهام ومسئوليات المنصب الرفيع الذى أتحدث عنه وما يقتضيه هذا المنصب وما يحتاجه من عدل عند الحكم وموضوعية فى التحليل ووسطية فى التفكير وعقلانية فى القرارات وحرص على كل أبناء الوطن والمساواة بينهم فى الحقوق والواجبات والعمل على النهوض بهم جميعاً ... كل ذلك يمنع وينفى أن يجد الباحث عن التطرف أو التعصب مبتغاه فى هذا الكتاب ...

لقراء كتاب لو أصبحت رئيساً لمصر

الباعة الجائلون

الباعة الجائلون

الباعة الجائلون

628 - مثلما كان أسلوبى فى كل المشاكل التى حاولت التصدى لها سيكون أسلوبى هنا عند الحديث عن مشكلة الباعة الجائلين وهو البحث أولاً عن الأسباب التى أدت إلى ظهور تلك المشكلة ومحاولة تحليلها حتى يمكننا فهم أبعاد المشكلة وإيجاد العلاج والحل المناسب لها ... وبدون اتباع هذا المنهج والربط بين أسباب المرض والعلاج فقد نظل أسرى أفكار قديمة وخاطئة أو بعيدة عن الحقيقة ... وهذا ما يقع فيه الكثيرون عند الحديث عن الباعة الجائلين فيصورنهم دائماً بأنهم خارجون عن القانون ومعتدون على أراضى الدولة ويسيئون لشكل المجتمع ... والبعض يصورهم على أنهم مجرمون أو عديمو الأخلاق ...

وبالتالى وبالطبع إذا كان هذا هو حكمنا على الباعة الجائلين فلابد أن يكون تفكيرنا وقرارنا هو السعى والمطالبة والعمل من أجل القضاء على هذه الظاهرة وإخلاء الشوارع من هؤلاء الخارجين عن القانون ومصادرة بضائعهم بل إن البعض ينادى بتطهير المجتمع منهم وكأنهم جراثيم ملوثة للمجتمع ...

629 - ولأن هذا هو تفكير أغلب الأجهزة الحكومية ، فقد جاءت قراراتها دائماً انعكاساً وتعبيراً عن هذا الفكر وتمثلت فى مطاردات ومصادرات ومصادمات مع الباعة الجائلين ومع ما تحتاجه هذه الإجراءات من تجهيزات ، واستعدادات ، وتكاليف ، ومصاريف تتمثل فى شرطة المرافق ورجال الأحياء ورجال الشرطة ووكلاء نيابة ومع ما يحدث أثناء تلك الإجراءات من ضياع لوقت وجهد وطاقة كثير من المصريين بغض النظر عن مناصبهم ووظائفهم وما ينتج عن ذلك من خسائر وإهلاك وإتلاف لمعدات وسيارات وبضائع متنوعة تتمثل فى منتجات زراعية وصناعية بعضها محلى الصنع والبعض مستورد بعملات أجنبية ... وبعد كل هذه التجارب نجد أن الظاهرة لم تنته بل إنها تتزايد ... لذا اسمحوا لى أن أطرح وجهة نظرى فى المشكلة من حيث أسبابها وتحليلها ثم بعد ذلك كيف يمكن لنا معالجتها بما يفيد المجتمع ولا يضره ...

630 - الباعة الجائلون هم مواطنون مصريون أغلبهم لم يتلق تعليماً جيداً ... وأكثرهم فقراء مادياً ... وبعضهم لم يجد فرصة عمل مناسبة لأنه غير مؤهل مهنياً ... بعضهم جاء من الأقاليم ( الدلتا والصعيد ) وبعضهم خرج من مناطق فقيرة اقتصادية ليعملوا فى المدن الكبرى ... بعضهم حاول البحث عن فرصة عمل خارج مصر فلم يوفق ... وبعضهم كان يعمل بالخارج وعاد مضطراً ... أغلبهم إن لم يكن كلهم ليسوا سعداء أو راضون عن وقوفهم فى الشارع أو تنقلاتهم بين الأوتوبيسات والقطارات ليعملوا وليبيعوا بضاعتهم ... ولكنهم لا يعرفون مهنة غيرها أو قد اضطرتهم الظروف لتلك المهنة فعملوا بها ولم يستطيعوا تغييرها ...

وأغلبهم يتمنى أن يأتى اليوم الذى يستطيع فيه ترك هذه المهنة ويكون له مصدر دخل يكتسبه بطريقة آدمية ومحترمة بعيداً عن المعاناة التى يلاقيها من وقوفه فى الشارع ...

أدعوك عزيزى القارئ وأدعو نفسى أن نتخيل أنفسنا فى نفس ظروف هذا المصرى وما يفعله ويعانيه لكى يكسب رزقه من مصدر حلال ... وأياً كانت نظرتنا للباعة الجائلين فلابد وأن نعطيهم حقهم فى أنهم ليسوا مجرمين ولا يضرون المجتمع بل هم يسعون إلى كسب رزقهم عن طريق حلال وهو التجارة ... فهم ليسوا لصوصاً أو مزورين أو ... الخ

631 - أعتقد أن فئة بهذه المواصفات لا يجب على الدولة أبداً أن تطاردهم بقدر ما يجب عليها أن تعتنى بهم وتعيد تأهيلهم وتوجيههم لما فيه مصلحتهم ومصلحة الدولة ومصلحة المجتمع كله ...

632 - من الأسباب الرئيسية التى أدت إلى زيادة ظاهرة وأعداد الباعة الجائلين قلة فرص العمل وقلة المرتبات وقلة المشروعات ... ولقد وضحت من قبل أن كل تلك المشاكل نتجت عن قلة الأراضى المستغلة بسبب بيع الدولة للأراضى وبالتالى ارتفاع أسعار كل العقارات وقلة فرص الحياة وبالتالى فالباعة الجائلون يلجأون إلى هذه المهنة لأنها لا تكلفهم سوى شراء بعض المنتجات والوقوف لبيعها ( وبعض البضائع تكون مشتراة بالأجل وقد يتم دفع ثمنها بعد أن يبيعوها أى على سبيل الأمانة لحين بيعها ) ...

633 - الباعة الجائلون مثلهم مثل كل المصريين لهم حقوق على الدولة وعلى المجتمع ومن أهم تلك الحقوق ... الحق فى العمل ...

وعلى الدولة أن تنظم لتلك الفئة الطريقة التى بها يحصلون على حقهم فى العمل ... فإذا ما كانت هذه هى مهنتهم التى قد لا يعرفون غيرها فمن الخطأ على الدولة أن تتخذهم أعداء لها أو تعاملهم معاملة المجرمين بل على الدولة وأجهزتها تفهم ظروفهم والعمل على تنظيم شئونهم ...

634 - الباعة الجائلون يشبهون فى تصرفهم هذا باقى المجتمع المصرى الذى يفضل ويستسهل العمل بالتجارة ، والاستيراد ، والبيع ، والشراء ، وتقديم الخدمات بدلاً من العمل فى الزراعة أو الصناعة ... فإذا شئنا أن نغير من ثقافة الباعة الجائلين فعلينا أن نغير من ثقافة المجتمع كله وهو ما يجب أن يتم بهدوء وعلى مراحل وهذا ما تم عرضه فى الصفحات الخاصة بنظرية اقتصادية جديدة ... وهو ما سيساعد على تحول جزء كبير من نشاط المجتمع المصرى من التجارة إلى الصناعة ...

635 - حل مشكلة الباعة الجائلين لا يتم بمنعهم أو مطاردتهم أو مصادرة بضائعهم فكل هذا من قبيل التعنت والتعسف مع مصريين لا يرغبون إلا فى العمل والكسب الحلال ؛ وإنما يجب أن يتم التعامل معهم ومع كل طوائف الشعب وفئاته المختلفة بالتيسير لا بالتعسير ... وبالتعاون لا بالتصادم ...

لذا فإن رؤيتى للتعامل مع مشكلة الباعة الجائلين هى :-

636 - تغيير الدولة لنظام إدارة الأراضى من البيع إلى الإيجار بغرض العمران والاستعمال سوف يزيد من مساحة الأراضى المستغلة فى مصر كلها ؛ وبالتالى يحدث انخفاض فى أسعار العقارات بكل أنواعها من أراض وشقق ومحلات ...

وهذا سوف يساعد بعض الباعة الجائلين على الانتقال إلى محلات تجارية ولكن هذا لن يحدث ما بين ليلة وضحاها ... وحتى يتحقق هذا التغيير بأهدافه ونتائجه المرجوة يجب التعامل مع مشكلة الباعة الجائلين بالتفاهم والتعاون والصبر والحكمة والتقدير ...

637 - تغيير نظام النقابات كما ذكرت من قبل وتوفير التدريب والتأهيل لكل من يرغب فى امتهان مهنة ما سوف يساعد كثيراً من الباعة ومن العاطلين على الانضمام لإحدى النقابات من أجل التدريب والتأهيل ثم الالتحاق والعمل بأحد المصانع ( خاصة تلك التى ستبنيها الدولة ثم تبيعها لعموم المصريين وتصبح للعمال نسبة من الأرباح السنوية تعادل 10% ) ... هذا النظام أيضاً سوف يساعد على تقليل أعداد الباعة الجائلين خاصة أن الكثير من تلك المصانع سيتم بناؤها فى المحافظات الأكثر فقراً مثل محافظات الصعيد ... والتى يمثل الباعة الجائلون فى المدن الكبرى نسبة كبيرة من أبنائها ...

638 - يجب على كل بائع متجول أن ينضم إلى نقابة الباعة الجائلون التى سيتم إنشاؤها لتنظيم كل ما يخص عملهم ...

639 - بالنسبة للباعة الجائلين الحاليين فسوف تنظم الدولة وقوفهم للبيع مجاناً وبدون أى مصاريف أو ضرائب أو إيجار لمدة سنتين فقط ... بل وستقوم الدولة بإعطاء البائع عربة لبيع البضائع ذات شكل حضارى جميل على أن تكون سهلة الحركة وتسمح بتخزين بعض كميات البضائع بطريقة ذكية لا تكلف ولا تحتاج لمساحة كبيرة من الأراضى ... على أن تكون هذه العربة على سبيل الأمانة لمدة سنتين ... يقوم بعدها البائع بردها إلى الدولة وإنهاء الترخيص الخاصة به ( ترخيص بائع متجول ) أو يقوم بسداد ثمن هذه العربة ويستمر فى الوقوف كبائع متجول ويبدأ فى سداد إيجار مقابل المكان الذى يشغله وفى سداد ضرائب تجارية كذلك ...

وبالنسبة للباعة المتجولين فى الأتوبيسات والقطارات وعربات المترو فسوف ترخص الدولة لهم بالعمل لمدة سنتين ( قابلتين للتجديد لمدة أخرى ) على أن يلتزموا بوضع شارة على صدرهم تفيد ببياناتهم ...

640 - عربات البضائع هذه يجب أن تكون مجهزة بحيث تحمى البائع والمواطنين من حرارة الشمس والمطر ... وكذلك تكون مناسبة لحفظ البضائع من التلف ...

641 - ستحدد الدولة والأحياء أماكن هذه العربات بطريقة لا تعوق حركة سير المشاة ولا السيارات ... كما ستقوم بتخصيص بعض الأراضى للباعة الجائلين وهو ما يعرف بالأسواق الشعبية ...

642 - لابد لكل بائع أن يسجل بياناته لدى الدولة ويحصل على ترخيص مجانى لمدة سنتين ... على أن يكون هذا الترخيص محدداً لبيع سلعة معينة ... فإذا ما كانت هذه السلعة لابد وأن تخضع لرقابة ما فإنه فى هذه الحالة لابد وأن تتوفر فيه شروط العمل بهذه المهنة ( البائع الذى يبيع مواد غذائية على سبيل المثال لابد له من توافر الشروط الصحية اللازمة مثل خلوه من الأمراض المعدية والتزامه بالمواصفات والشروط التى ستضعها الدولة والتى تضمن عدم تلوث المأكولات التى يقدمها ) ...

643 - يلتزم كل بائع بأن يضع على صدره ما يفيد باسمه ورقم ترخيصه ومنطقة عمله ... كذلك يلتزم بوضع الشهادات اللازمة لممارسة عمله فى مكان ظاهر ليستطيع المواطنون رؤيتها والتأكد منها ... فيشكونه إذا ما حدث ما يستدعى الشكوى أو المقاضاة ... وبذلك نضمن للمواطن ألا يتم خداعه أو ظلمه ...

 

644 - إجبار كل الباعة الجائلين بالتأمين الصحى [1] على أنفسهم وذلك حتى يمكن للدولة الارتقاء بالرعاية الصحية لكل المواطنين ... ومن بينهم بالطبع الباعة الجائلون ...

645 - التزام كل بائع متجول بأن يقيد نفسه فى مأمورية الضرائب التابع لها واستخراج بطاقة ضريبية له على أن يكون هناك إعفاء تام من كل الضرائب لمدة سنتين ...

646 - تحديد ساعات عمل معينة ومحددة لعمل الباعة الجائلون وليكن مثلاً 10 ساعات يومياً ليس أكثر ؛ وذلك حتى لا يستمرالباعة الجائلون فى العمل طوال اليوم وهو ما سيضرهم صحياً ... كما أن تحديد ساعات العمل سوف يساعد على تركيز المبيعات فى هذا الوقت وبمرور الوقت سيعرف المواطنون مواعيد عملهم ويترددون عليهم أثناءها ... وبذلك تنظم الدولة أمور عمل الباعة الجائلين وتوفر لهم الوقت ليتمكنوا من رعاية شئون أسرهم وفى الوقت نفسه نحمى أصحاب المحلات من منافسة الباعة الجائلين لهم طوال اليوم ...

647 - التنبيه على الباعة الجائلين أنهم بعد مرور سنتين سيقومون بسداد ثمن العربة وسداد قيمة إيجارية للمكان وكذلك البدء فى سداد الضرائب المستحقة على تجارتهم ... وأنهم عليهم الاستعداد إما للانتقال إلى عمل آخر أو الاستمرار فى تلك الوظيفة لمدة 5 سنوات أخرى كحد أقصى ...

648 - سيخضع كل الباعة الجائلون لكشف طبى لبيان مدى تعاطيهم المخدرات من عدمه وإذا ما كانت النتيجة ايجابية سيتم توفير علاج لهم ... ولن يتم تجديد الترخيص لهم فى حالة عدم إقلاعهم عن تعاطى المخدرات ... بعد مرور عام من الترخيص لهم ...

649 - كما يتم تنظيم دورات لهم لتدريبهم على حسن معاملة المواطنين ... وضرورة الحفاظ على نظافتهم الشخصية ونظافة ملابسهم ونظافة المنتجات ...

650 - أتمنى بعد تطبيق كل أفكار برنامجى أن تتغير الظروف الاقتصادية للدولة ولكل أبناء المجتمع إلى الأفضل ... وأتمنى أن تستطيع الدولة وقتها تقديم قرض بشروط ميسرة لكل بائع متجول لكى يتحول الباعة الجائلون إلى تجار لديهم تجارتهم المستقرة ... ومن الممكن أن يتم ذلك عن طريق بنك الفقراء ...

 

[1]  * نسبة المشتركين فى التأمين الصحى فى مصر هى 50.90% ، ونسبة غير المشتركين حوالى 49.10% وذلك فى كل أنحاء الجمهورية ومن جميع المهن ..

مقرنا

المقر المؤقت : ميدان حلمية الزيتون

ارقام التواصل

01013900867

01125231372

البريد الالكترونىى

egyptelections2018@gmail.com