لقراء كتاب لو أصبحت رئيساً لمصر

من يرغب أو يتوقع أن يقرأ فى هذا الكتاب أى كلمات جارحة غير مسئولة أو نقد غير موضوعى أو تطرف لفكرة ما أو تعصب أعمى لفريق ما ... ومن يطمع أن يقرأ كتاباً يدعو لانقسام أو يستثمر التنازع ويغذى الصراع ويؤجج النار المشتعلة أو يشعل ما خمد منها ... فليسمح لى أن أنصحه بعدم إستكمال القراءة ... فلن يجد ما يبحث عنه ... فطبيعتى الشخصية المعتدلة ومهام ومسئوليات المنصب الرفيع الذى أتحدث عنه وما يقتضيه هذا المنصب وما يحتاجه من عدل عند الحكم وموضوعية فى التحليل ووسطية فى التفكير وعقلانية فى القرارات وحرص على كل أبناء الوطن والمساواة بينهم فى الحقوق والواجبات والعمل على النهوض بهم جميعاً ... كل ذلك يمنع وينفى أن يجد الباحث عن التطرف أو التعصب مبتغاه فى هذا الكتاب ...

لقراء كتاب لو أصبحت رئيساً لمصر

لكل إنسان أهـدافه وأماله

خـلق الله الناس مخـتلفين … فـلكل إنسان أحـلامه وميوله .. ولكل إنسان اهـتماماته وهـواياته .. ولكل إنسان أهـدافه وأماله … من الناس من يحـب الزراعـة .. ومنهم من يحـب التجـارة .. منهم من يحـب الصناعـة .. ومنهم من يحب التعـليم .. منهم من يحب أن يعمل بالقانون .. و منهم من يحب أن يعمل فى عـلاج الناس ... منهم من يحـب الفـنون … ومنهم من يحـب الرياضة … منهم من يحـب أن يكتشف نفـسية الإنسان وأن يغـوص فى أعـماق النفـس البشرية وكل ما يتعـلق بها … ومنهم من يحـب العـمل بالعـلوم كالكيمياء والفـيزياء والميكانيكا والرياضات والهندسة … منهم من يهتم بالأرض و أسرارها وكنوزها .. ومنهم من يحـب الفـلك وعـلوم الفضاء  … منهم من يحـب عـلوم الطيران .. ومنهم من يحـب كل ما يتعـلق بالبحـار … منهم من يحـب العـمل فى مجـال الزهـور والعـطـور … ومنهم من يحـب العـمل فى بيع السلاح والمخـدرات … منهم من يفضل التعـامل مع آلة عن التعـامل مع البشر .. ومنهم من يحـب التعـامل مع البشر لا الآلات والماكينات … منهم من يهتم بعـلوم الدنيا .. ومنهم من يهتم بعـلوم الآخـرة  … منهم من يحـب المغـامرة و التجـديد .. ومنهم من يخـشى أى تغـيير …

–  ميول الإنسان وأحـلامه لا تشغـل عـقـله الواعى فقط .. وإنما تسيطـر ويمتلئ بها عـقـله الباطن  … فإذا ما كان الإنسان صادقـا فى حـبه وميوله … فإن تصرفـاته وأفـعـاله ونظـراته وذاكرته وأفـكاره تخـتلف بالنسبة لهذا الشىء الذى يحـبه عن الآخـرين نتيجة لأن عـقـله الباطن  ( وبدون أن يدرى الإنسان )  قـد سيطر عـليه وأدار كل ما وصل إليه من معـلومات بطـريقـة مخـتلفـة و ربط بينها وبين غـيرها بطـريقـة مخـتلفـة فإذا بهذا الإنسان يرى الأشياء بطـريقـة جـديدة ويفكر بطريقة جـديدة ويبتكر ويبدع شيئا جـديدا … كل هـذا بسبب حـالة الميل والحب والشغـف والإخـلاص التى تملكت منه وعلى عـقـله الباطن .. فـأصبح يحـيا فى حالة خـاصة ولذلك تجـده مبدعـا بطـريقـة خـاصة

وهـذا ما يفـسر اخـتراعـات المخـترعـين وكتابات المبدعـين وجـنون المحـبين والأرقـام القـياسية للرياضيين … إلى آخـر كل ما يتعـلق بأى تميز بشرى .. فإنه من الصعـب جـدا أن يحـدث لو لم يكن هـذا الإنسان محـبا شغـوفـا بما تميز فيه …

–  من أجـمل الأشياء التى يمكن أن يفـيد بها الإنسان نفسه .. هـو أن ينجح فى اكتشاف نفسه .. فيعـرف ما يكرهه ولا يحـبه فـلا يعـمل به … وأن يعـرف ما يحـبه و يعـشقـه فـيتقـرب منه ويعـمل به ويتخصص فيه …

–  مطـلوب من كل أم وكل أب أن يكتشفا ميول أبناءهم ويساعـدوهم على العـمل بها والنبوغ فيها  .. وكذلك مطـلوب من كل مربى وكل معـلم وكل مدير أن يكتشف هذا … ومطـلوب من المجـتمع كله أن يكتشف التميز بين أفـراده ويسعى للاستفـادة منها … فإذا ما فعـلنا هـذا أصبح لدينا مبدعـون ناجحون فى كل مجـال ينقـلون المجـتمع ويحـولونه من حـال إلى حـال … وذلك بدلا من تلك النماذج النمطـية المتقـولبة المتكررة المكبوتة المغـلوبة على أمرها … وهـذا ما يطـلق عليه مبدأ الرجـل المناسب فى المكان المناسب

–  من أكبر أخـطـاء المجـتمع المصرى أنه يتولى قـيادته فى أغـلب المجـالات إناس لم تستعـد عـقـولهم ( لا الواعـية ولا الباطنة ) لهذه المناصب .. وبالتالى نجـد مسئولين نمطيين تقـليديين  .. يتخـبطـون بين الـفعـل وعـكسه … بين الرأى ونقـيضـه … يفـتشون فى الأدراج عن الأفكار القـديمة فـيكررون ما فعـله السابقـون .. يعـتمدون على مساعـدين ومستشارين من كل شكل ولون فتأتى قـراراتهم مخـتلفـة متناقـضة مثل اختلاف وتناقض مستشاريهم … فمن الخـطـأ أن نكافىء إنسان ما نجـح فى مجـال ما بأن نعـينه أو نسند إليه مسئولية منصب لم يحـلم به ولم ينشغـل يوما ما بتفـاصيل مشاكله … ومن الخـطـأ أن نسند إلى كبار السن أعـمالا جـديدة عـليهم لم يعـملوا بها فى فـترات شبابهم ولم يفـكروا فيها ولم ينشغـلوا بها ظـنا منا أن نجـاحهم فى أعـمالهم الأولى سيؤهـلهم للنجاح فى تلك الأعـمال .. وننسى بذلك انهم ما نجحـوا فى أعـمالهم الأولى إلا لحـبهم لها ورغـبتهم و شغـفهم بها …

–  من أجـل تحـويل الأفـكار السابقة إلى واقـع عملى يستفـيد به المجـتمع وأفـراده فإننا عـلينا جـميعـا أن نحـترم جـميع المهن و الأعـمال و التخـصصات … وأن تكون الفـروق بينهم ليست ضخـمة أو كبيرة … وكذلك المزايا يجـب أن تكون متقـاربة .. والسلطات يجـب أن تكون متوازية … وأن تكون لرغـبة الإنسان فى أن يدرس عـلما ما أو يعـمل بعـمل ما دور وتقـدير كبير فى ذلك فيتم عـمل اخـتبارات يتم بها الحـكم على كل متقـدم … وهل يملك تميز ما و حـبا لهذا العمل أو التخصص أم لا ..؟  ..

–  وكذلك الحـال لمن يتقـدم أو يتم اخـتياره لمنصب عـام … فلا تنتظـر ممن تجـاوز سن الشباب والنضج ثم وصل إلى مرحـلة الكبر والعـجـز أن ينجـح فى عـملا لم يعـمل به من قبل ولم يسعى لذلك منذ صغـره … بل أفـنى عـمره فى مجـال مختلف … ولا يملك لهذا المجـال الجـديد أى رؤية أو فـكر

من أجـل توضيح ما أرغـب فى شرحـه سأذكر عـدة أمثلة قـد تساعـد على إيصال فـكرتى :

 –  ليس بالضرورة أن ينجـح لاعـب الكرة المعـتزل فى العـمل بالتدريب أو التعـليق أو الإدارة  … فمن الوارد جـدا أن يكون شغـفـه وحـبه للرياضة كان منصبا على ممارستها فقط دون غـيرها

–  بعـض الناس قـد يصلحـون للمعـارضة والنقـد فقط .. فـتجـدهم يفـشلون لو أسندت لهم نفس الوظائف التى كانوا ينتقـدون مسئوليها ..

–  قـد ينجـح شخص ما فى تدريس أحـد العـلوم ويكون ماهرا فيه .. ولكنه قـد يفـشل إذا ما أسندت إليه إدارة جـهة ما تعـمل فى نفـس المجـال الذى يقـوم بتدريسه …

–  لا يكفى أن يمتلك شابا ما الإمكانيات المادية للزواج لكى توافـق عـليه من يتقـدم لها لخـطبتها … بل عـليها أن تتأكد من توافقهما واتفاقهما فى نظرتهما للحـياة ورؤيتهما وميولهما وصفاتهما … وذلك تجـنبا للكثير من المشاكل والخـلافـات فيما بعـد …

–  فى نفس العـمل و المجـال .. قـد ينجـح الإنسان فى تخـصص ما ولا ينجـح فى غيره … فطبيب الأطـفال الناجـح ليس بالضرورة مؤهـلا لكى يكون جـراحـا ناجحا أو طبيب عظام أو باطنة أو عـيون … وكذلك ليس كل مهندس مدنى أو ميكانيكى أو اتصالات يصلح للنجـاح فى تخصص أخـر  … وكذلك مدرب الملاكمة لا يصلح ليكون مدرب تنس أو سباحة … وعـازف البيانو ليس بالضرورة يصلح لأن يكون عـازف عـود أو جـيتار أو كمان …

–  اخـتيار كبار رجـال القضاء والداخـلية والجـيش وعـمداء الكليات للعـمل كرؤساء أحـياء وهـيئات و محـافـظـين و وزراء قـد يكون سبب كبير فى فـشل أداء تلك الهيئات وفـشل هـؤلاء المسئولين … وذلك لأن هـؤلاء المعـينين لم يكن هناك أى عـلاقـة بين عـملهم القـديم ووظيفتهم الجـديدة … ولا يصح أبدا مكافأة إنسان ما نجـح فى مجـالا ما بأن يتم اخـتياره فى مجـال مخـتلف تماما عن ما نجـح فيه وتفـوق …

–  الطبيب قـد يكون ناجحا ولكنه لا يصلح لإدارة مستشفى .. والممثل قـد يكون مبدعـا ولكنه لا يصلح نقـيبا للممثلين .. وكذلك ليس كل صحفى ناجح يصلح لإدارة مؤسسة صحـفـية …

–  لا يكفى لكى يترشح شخصا ما لانتخـابات البرلمان أن يكون كبير عـائلة أو شخصية عـامة شهيرة أو لديه من الأموال الكثير … ومن الخطأ أن يخـتاره الناس لأى صفة من تلك الصفات فقط …

–  توزيع الطلاب على الكليات طبقا للمجـموع يحـرم المجـتمع من إبداعـات الكثير من أبناءه … والأمثلة كثيرة وفى كل المجـالات عن مبدعـين اكتشفـوا اخـتلاف ميولهم عن مجـال دراستهم .. وكانوا من القـوة والجـرأة أنهم اخـتاروا العـمل فيما يحـبونه عن العـمل بما درسوه ..

–  من الخطأ أن نأتى بشخـص ما يكون ناجحا ومبدعـا ومتفـوقـا فى مجـال عـمله … ثم نطـلب منه أن يدلى برأيه فى غـير مجـال إبداعـه … ونطـلب من الآخـرين أن يقـتدوا به … وبمعنى أخـر  أن آراء وأفكار المبدعـين فى غـير مجـال إبداعـهم ليست صحـيحـة على الإطـلاق ولا تخـتلف عن آراء غـيرهم من عـامة الناس … ومن أمثلة ذلك فإن آراء الرياضيين والفنانيين والأدباء ورجـال الأعـمال فى السياسة لا يجـب أن تمثل تأثيرا على توجـهـات الإنسان العـادى وميوله السياسية .. فالناجـح و المبدع فى مجـال ما قـد يكون فى غـير تخصصه إنسانا عـاديا وقـد يكون أضعـف أو أقـل من غـيره .. ولا توجـد أى عـلاقة طـردية ثابتة بين إبداع شخـص فى مجـالا ما وبين باقى جـوانب حـياته … فبعـض الناس قـد يكونوا متعـددى المواهـب .. وبعـضهم قـد لا يملك إلا موهـبة واحـدة فقط فى مجـالا واحـد فقط

*  موضوع الحـب والميول والموهـبة والشغـف والصلاحـية والإمكانيات موضوع متعـدد الجـوانب و له تطـبيقـات كثيرة نحـتاجها جـميعـا عند اتخـاذنا لقـرارات مصيرية تتعـلق بدراستنا وعـملنا واخـتيار شركاء حـياتنا واختيار من نعـمل معهم ومن يعـملون معـنا .. واختيار شركائنا وأصدقائنا … وكذلك اختيار المسئولين وأعـضاء المجالس البرلمانية ويتمثل الاختيار الأكبر والأهم فى اختيار من يقـود المجـتمع وهو اختيار رئيس الجمهـورية …

كذلك يمكننا أن نستفـيد من هـذا الموضوع فى نقـدنا للأفـكار والآراء … وما نسمعه وما نقرأه وما نشاهـده .. وفى حـكمنا على الأشخـاص والأشياء … والأهـم من ذلك فى تشكيل عـقـولنا وترتيب أفـكارنا وفى تحـليل واقعـنا وفى تفـسير أحـوالنا .. وفى توقـع مستقـبلنا ..

جعـل الله كل أيامنا المقـبلة أفـضـل من السابقة .. اللهم آمين  …                12/3/2016

 

مقرنا

المقر المؤقت : ميدان حلمية الزيتون

ارقام التواصل

01013900867

01125231372

البريد الالكترونىى

egyptelections2018@gmail.com